سلسلة عوامل النهضةالحسينية
0 تصويت
29 عرض
السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني، ينمي مؤرخة الغرب معارضة بني أميه لبني علي ( عليه السلام ) إلى زمن أبعد مدىً مما اشتهر ، و إلى قطيعة حدثت بين هاشم و شقيقه عبد شمس ولدي عبد مناف القرشي . و كانت المعارضة إذ ذاك بينهما فقط ، ثم تفشت بعد مائة عام بين حزبين قويين : حزب التوحيد و عميده المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، و حزب الشرك و أقطابه أبو سفيان و أبو جهل و الحكم و الوليد و خمسة عشر آخرون . و بقيت نار الجدال و القتال مستمرة بين الحزبين 19 عاماً حتى اذا جاء نصر الله و الفتح و دخل الناس في دين الله أفواجاً و دخل معهم هؤلاء طوعاً أو كرهاً ، فخمدت تلك النار الموقدة إلاّ في الأفئدة بضعاً و ثلاثين سنة حتى استثارها مروان في إمارة عثمان و أثار مع الحفائظ نيران الفتن و الإحن . و عميد الحزب الهاشمي علي ( عليه السلام ) رجل الحق و في أنصاره المهاجرون و أبطال مصر و العراقيين و شعارهم الحق ، و الفضيلة ، و حفظ الحرمات ، كما أقام الجانب المعارض أمره على دعائم الغدر ، و المكر ، و طلب الملك ، و الشهوات هم معاوية و زياد بن أبيه و عمرو بن العاص و مروان و المغيرة بن شعبة و أشباههم . فاستخدموا في سبيل الانتصار كل وسيلة و حيلة زهاء ربع قرن ملؤه الفجائع و الفظايع حتى احتجب الحق و توارى أهله ، و فاز ابن أبي سفيان و أهلوه في كل منكر فعلوه حتى في إقامة الجمعة في غير يومها و حتى في استلحاق زياد و استخلاف يزيد 1 و حتى . . و حتى . . استنوقوا الجمل و ظنوا موت الحق ، و لكن الحق حي لا يموت . هناك دعى طغيان الغرور يزيد الجور و الفجور أن يطالب أباه باقتران أُرينب « أم خالد » ربة الخدر و الجمال و هي متبعلة بزوجها عبد الله . قالوا : إنّ يزيد بن معاوية كان يتحرّى أخبار الفتيات الحسان فبلغه من وصف أُرينب بنت إسحاق القرشي و كمال جمالها ما استثار هواه و ظلّ يترقّب فرصة إعلام أبيه برغبته إليها فيزوجها منه ، فسمع يوماً بزواجها من ابن عمها عبد الله بن سلام فشق عليه ذلك و أبلغ أباه معاوية بما هو فيه و أنّه مشرف على الهلكة من خيبة الأمل ، فأمره أبوه أن يكتم رغبته حتى يتمكن من استدراك ما فاته ! ثم استدعى عبد الله بن سلام إلى الشام و أكرم ضيافته و أرسل إليه أبا هريرة ليرغبه إلى مصاهرة معاوية و تزويج أخت يزيد إياه ، فرحب عبد الله برغبة معاوية و لبّى هذا الطلب بكل شكر و ثناء ، فرجع أبو هريرة بذلك إلى معاوية ، فقال معاوية : سر يا أبا هريرة إلى ابنتي و أعلمها برغبتي إلى زواجها ، فإنّ الإقدام على ما فيه رضاؤها أحوط و أقرب إلى رضا الله تعالى . و كان معاوية قد بيّت الكلام مع ابنته و علّمها الذي تقوله في الجواب . و لما أتاها أبو هريرة بمقالة أبيها معاوية و امتدح عندها عبد الله بن سلام أجابت بأنّها لا تأبى ما اختاروا لها لو لا أنها تخشى وجود زوجته « اُرينب » فيدركها ما يدرك المرأة من ضرّتها ممّا يغضب الله و يغضب أباها ، فخرج أبو هريرة إلى عبد الله بن سلام بالخبر و استقر رأيهم على طلاق اُرينب فطلقها عبد الله بن سلام طمعاً في مصاهرة معاوية و جلالة ملكه ، و بعد ما توثق معاوية من طلاق اُرينب جهز اليها أبا هريره ليخبرها بأمر زوجها عبد الله و أن يزوجها من ابنه يزيد بما شاءت من صداق . و ظل ابن سلام يطالب معاوية بانجاز ما وعده و معاوية يماطله ، حتى سمع بأنّ مخطوبته تكره قبوله زاعمة أن الذي يطلق ابنة عمه التي فاقت أقرانها مالاً و جمالاً و كمالاً و شرفاً لا يصعب عليه أن يطلق الثانية يوماً ما . و شاعت مكيدة معاوية في الملأ و أنه يبغي وراء حرمان عبد الله بن سلام من زوجته أُرينب أن يزوجها من يزيد ، و خرج ابن سلام من الشام غضبان أسِفاً . أما أبو هريرة فمر بالحسين بن علي ( عليه السلام ) في طريقه فسلّم عليه فاحتفل به الحسين ( عليه السلام ) و سأله عما جاء به من الشام فقص عليه خبره فناشده الله أن يذكره عند اُرينب عسى أن ترضى بالحسين زوجاً لها ، فقبل ذلك أبو هريرة و جاء اُرينب و اخبرها بما فعل زوجها عبد الله بن سلام . . بائنة فبكت اُرينب و لما هدأ روعها و استرجعت قال لها أبو هريرة : « إنّك لا تعدمين طلاباً خيراً من عبد الله بن سلام و قد رغب إلى زواجك يزيد بن معاوية و الحسين بن علي ( عليه السلام ) و هما معروفان لديك بأحسن ما تبتغينه في الرجال ، و يبذلان لك ما تشائين من الصداق » ثم لما عاودها على اختيار رأيها في الرجلين قالت : « إنّك خير من استشيره في الأمر فاختر لي » فقال أبو هريرة : « لا اختار فم أحد على فم قبّله رسول الله تضعين شفتيك في موضع شفتي رسول الله » . قالت : « فلا اختار على الحسين بن علي أحداً و هو ريحانة النبي و سيد شباب أهل الجنة » فعقد عليها الحسين . و لما بلغ ذلك معاوية سخط سخطاً شديداً و قال : أنعمي أُم خالد *** رب ساع لقاعد 2 حنق يزيد على الحسين بن علي حنقاً لا مزيد عليه ، و استوهن الأمر عبد الله بن سلام و خف عليه حزنه و جاء إلى الحسين ( عليه السلام ) و طلب منه أن يسأل اُرينب رد أمانته التي أودعها لديها عند ما سافر إلى الشام و هي خلاصة ما يملكه من دنياه . فجاء الحسين إلى اُرينب و قال لها : « إنّ زوجها عبد الله بن سلام يطالبها بوديعة أودعها لديها » فقالت : « صدق و ها هي وديعته » و أخرجت بدراً مختومة ، فدعا الحسين عبد الله و قال له : « ادخل عليها و استلم وديعتك من يدها كما استلمتها من يدك » . فدخل عبد الله و بكى و بكت معه و استلم الودايع منها سالمة ثم قال لهما الحسين : « ارجعا إلى ما كنتما عليه فإنّي اشهد الله أنها طالقة و أنّي لم ألمسها و ما أدخلتها في بيتي و تحت نكاحي إلاّ محافظة لها من يزيد و من كيد أبيه ، فخذ بيدها و اذهبا حيث شئتما » . فبكيا من الوجد طويلاً و أرادت اُرينب أن تعيد إلى سيدها الحسين صداقها فوهبها الحسين قائلاً : « إن الذي أرجوه من الله تعالى خير لي من ذلك » ولم يسترجع منها شيئاً كرامة منه و إحساناً . نعم دفعت سجية الفضيلة حسينها إلى صيانة عرض عبد الله من عدو الله بعد أن عرف من سجاياه هتك الحرمات ، و عرف من سجايا أبيه تبديل آثار جدّه و تبديد مجده ، و تذكر بعد ذلك سم أخيه و سب أبيه ، و مافعلت هند بعمه ، و أذى صخر لجدّه ، و أنّ الذي أضمروه له و لأسرته ـ أو بالأحرى لأُمته ـ في مستقبل الزمن أسوء من ماضيه . كل هذه الذكريات دفعت حسين الشرف إبراز هذه المآثر التاريخية المتلألئة في سماء الفضائل . لقد أثّرت عملية الحسين ( عليه السلام ) تأثيرها الحسن في نفوس بني الضاد رقاة الشرف و دعاة مكارم الأخلاق ، كما أنها أثارت من يزيد أحقاداً خمد نارها أو كادت فوق ما ذكرته اندحار أبيه أمام جدال الحسن ، و قتال أبيه ، و مصرع عتبة و شيبة و حنظلة و سائر أشياخه ، و الذل الذي لحق جدّه يوم عرض نصرته لعلي ( عليه السلام ) و يوم عرض إسلامه للنبي ( صلى الله عليه و آله ) و عند استجارته بهما في المدينة . . فصمّم من فوره على الانتقام من حسين الفضيلة أشدّ الانتقام حينما أصبحت الأمور له متسقة و الجماهير به مستوثقة و فيهم عبيد الله بن زياد إن لم يكن زياد . مبادئ قضية الحسين كل الذين دوّنوا قضية الحسين ( عليه السلام ) أخذوا سلسلتها من أوساطها ، أي من حين البيعة ليزيد . في حين أنّ القضية ـ كما سبق ـ تبتدئ من عهد أبي سفيان و محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ـ إن لم نقل من قبل و من عهد هاشم 3 و عبد شمس ـ فإن أبا سفيان جدّ يزيد إذ رأى محمّداً جدّ الحسين قد نهض في مكة سنة 610م يدعو العرب إلى توحيد المعبود و الإتحاد في طاعته ، حسب أنّه سيهدم مجد عبد شمس و رئاستهم و يبني لبني هاشم 4 بيت مجد مرصوص الأساس و يعم ظله الوارف عامة الناس . فاندفع بكل قواه إلى معارضته ففعل ما فعل في مقاومة النبي ( صلى الله عليه و آله ) و إهانته ، و تفريق أعوانه ، و تحشيد الجموع لمحاربته حتى كان في أيام بدر و أُحد و الأحزاب و هما مثالان للحق و الباطل ، و أمرُ محمّد ( صلى الله عليه و آله ) يقوى انتشاره و مناره حتى رمى حزب أبي سفيان آخر نبلة من كنانته ولم يفلح : ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ 5 . و ذلك أنّ الله سبحانه فتح لنبيه مكة فتحاً مبيناً ، و نصره على قريش نصراً عزيزاً . انتهت الحركة السفيانية ، و لكن في الظاهر . أمّا الحزب الخاسر المنكسر فقد كان يعمل ليلاً و نهاراً في تلافي خسرانه و ارجاع سلطانه ، و لكن تحت الستار و بأخفى من دبيب النمل على الصفا ، يرسم الخطة للقيام بحركة وسيعة الدائرة حتى إذا قضى النبي ( صلى الله عليه و آله ) نحبه تنفس و انتهز الفرصة لاستعادة مجده . أجل! لقي محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ربه و أبو سفيان حي يسمع الناعية عليه ، و لكن لا يسعه إظهار شيء و كان العباس عم النبي ( صلى الله عليه و آله ) يعرف من أمره شيئاً إذ كان صديقه الحميم في الجاهليه و الإسلام ، فأشار على عليّ ( عليه السلام ) ابن أخيه أبي طالب ـ و هو يغسل جنازة النبي ( صلى الله عليه و آله ) ـ قائلاً له : « يا علي مد يدك لأبايعك حتى يقول الناس : عم رسول الله بايع ابن عمه ، فلا يختلف عليك اثنان » فلم يسمع من ابن أخيه جواباً سوى كلمة : « يا عمّ أولها غيري! » و قبل أن يدفن النبي ( صلى الله عليه و آله ) نجم الخلاف حول خلافته بين المهاجرين و الأنصار . لكن الذي نعلمه أنّ أبا سفيان لم يكن من الأنصار و لا من المهاجرين عندما قالا : « منا أمير و منكم أمير » حتى يحسب لنفسه حساباً في التحيز إلى طرف ، و رأى انضمامه إلى اضعف الأحزاب ـ أي حزب علي ( عليه السلام ) ـ أقرب الى مقصده من إيجاد موازنة في القوى و خلق عراقيل تكاد تمنع من حسم الخلاف ، فجاء علياً قائلاً له : « لو شئت ملأتها لك خيلاً و رجالاً » و علي ( عليه السلام ) يومئذ يطرق الأبواب على المهاجرين و الأنصار يتمنى ناصراً لقضيته ، فلو كان ممّن يضيّع رشده بالمواعيد الخلابة لاغتنم من أبي سفيان هذا العرض ، و لكن الإمام عرف سوء قصده ـ و قصده الصيد في الماء العكر ـ فأجابه بالرد و الاستنكار قائلاً له : « مه يا أبا سفيان أجاهلية و إسلاماً » . أي إنّك تتربص دوائر السوء بدين محمّد ( صلى الله عليه و آله ) في عهديك : عند الجاهليه و عهد الإسلام ، و تفرّس سوء مرامه من كلامه و أنّه انتهز فرصة الخلاف من حاشية النبي ( صلى الله عليه و آله ) و قصد احتلال مدينة الرسول عاصمة الإسلام بحجّة نصرة الضعيف أو تسوية الخلاف ، و ما جيوشه سوى مردة العرب من أهل النفاق فاذا نزل هؤلاء في عاصمة التوحيد سادت منافقة العرب ، و عادت مبادىء الجاهلية ـ و الناس حديثو عهد بالإسلام ـ فيكون الرجعيون أولى بالقوة و النصرة و الموحدون أولى بالضعف و الذلة ﴿ ... لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ... ﴾ 6 . قرأ هذه الشروح و أكثر منها علي ( عليه السلام ) من كلمة من أبي سفيان فرده رداً قارصاً ، لأنّ علياً رجل الحق و بطل الإيمان لا يضحّي الدين أو المصلحة العامة في سبيل نفع ذاتي أو شهوة و انتقام . و لما عرف أبو سفيان أنّ علياً ( عليه السلام ) لا ينخدع و أنّه عند تداخل الأغيار ليصافح إخوانه المسلمين و يتحد معهم لحفظ بيضة الدين ـ مهما كان ضدهم و كانوا أضداده ـ ندم أبو سفيان على لفظته ، و هرع إلى الحزب الغالب ، و انضم إليهم ليحفظ مركزه الاجتماعي قبل أن يخسر الطرفين و تأخرت منوياته إلى حين ، حينما يخضر عود أمية بإمرة معاوية على الشام و عود سلطانهم . و بعدما نبغ فيهم معاوية أخذ على عاتقه القيام بنوايا أسلافه و معه يومئذ أبوه ينصب علياً ( عليه السلام ) ـ دون المسلمين ـ هدفاً لسهامه الفتاكة ، إذ عرفه الينبوع الوحيد لسيال وحي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، و أنّه البطل المناوىء لهم بكل قواه ، و العميد القائم ببيت بني هاشم ، و المركز القوي لابادة الحركة السفيانية ، و أنّ علياً هو و أبوه نصيرا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) حين لا ناصر له حتى أنه فداه بنفسه ليلة مبيته على فراشه ، و ضيع على قريش هجرته ، و نقض ما أبرموه عليه ، و علي القاتل صناديد قريش و أركان حزبهم في بدر و غيرها ، و لو لاه لقضوا على حياة رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) في بدر و أُحد و الخندق ، و علي الفاتح قلوب أهل مكة في وجه محمّد المصطفى إذ تلا عليهم سورة البراءة في الموقف العام العصيب بكل ثبات و جسارة و إقدام ـ الأمر الذي لم يكن يقوم به أحد من المسلمين إلى غير ذلك من مواقفه المهمة التي ضيع فيها على أمية مكايدها و كانت صدور أمية تغلي كالمرجل على رجل الإيمان . دوافع يزيد الانتقامية لقد تستّر ابن هند و الحزب الأموي في اخفاء غرضه تحت مخابيء السياسة المطلية بدهائهم ، لكنما أخلاقه ـ أمثال يزيد و الوليد ـ كشفوا القناع بأفعالهم و أقوالهم عن كل ما أُجني و أُخفي على الملأ ، فتجلى كالشمس أنّهم يبتغون التشفي و الانتقام من محمّد و أهل بيته بكل معاني التشفي ، إذ لم يسكت عن الحسين كما سكت عن ابن الزبير ، و خالف في ذلك وصاية أبيه و برنامجه ثم لم يسالم الحسين كما سالمه ولم يقنع بخروجه عن مناطق نفوذه و حدود سلطانه ـ كما اقترح عليه الحسين نفسه ـ ولم يجالدوا ابن النبي مجالدة عربي لعربي ، بل ضيّقوا عليه سبل الحياة ، و منعوه من ورد الفرات ، و حاصروه بنسائه و أطفاله في الفلاة ، و مثَّلوا به و بصحبه بعد القتل شرّ مثلة ، و جرّدوهم تاركين أشلاءهم عراة على العراء تسفي عليهم الرياح ، و قطعوا رؤوسهم و اداروا بها على فوق الرماح ، و سبوا صبية الحسين و نساءه يطاف بهن في الآفاق و في الأزقة و الأسواق ، موثقين بالحبال كالأغنام و حولهم طبول و أبواق ، يضع أميرهم الرأس الشريف بين يديه و ينكت برأس الخيزران ثناياه و شفتيه و يقول شامتاً : يا حبذا لونك يا حسين *** كحمرة الوردة في الخدين . . الخ و يسبّون الحسين و أباه و أخاه سراً و جهراً ، و ينتحلون الأحاديث القادحة في عليّ و صحابته ، و يهتكون حُرَم الله و رسوله و حُرُمات الدين ، و يفعل يزيدهم طغياناً في مدينة الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ما فعله فرعون ، و يزيد يقتل أبناءهم و يستحيي نساءهم فراثت خيلهم في روضه النبي ( صلى الله عليه و آله ) و استباح عسكره المدينة ثلاثة أيام و افتضت بها اثنى عشر ألف عذراء ، ولم تسلم حُرّة في واقعة الحرّة ، إلاّ من لذن ببيت السجاد علي بن الحسين ( عليه السلام ) و هنّ ستمائة من الهاشميات و غيرهن ، فقد استثنى يزيد بيته و شخصه من الاضطهاد و الاستعباد إذ أمر قائده أن يجدد مبايعة اليثاربة له على أنّه عبيده إن شاء باعهم و إن شاء أعتقهم . و روى الجاحظ : « إنّهم وسموا العباد ، و وشموا الأجساد » ـ كما يفعل بالأنعام و الكلاب ـ علامة انّهم خول لبني أمية ، و رأوا أنس بن مالك ـ خادم رسول الله و صاحبه ـ و في عنقه قلادة مختوم عليها بالرصاص علامة عبوديته لهم ، و أحرقوا ستار الكعبة ، و رموها بالمنجنيق ، و قتلوا الطائفين و العاكفين ، و سفكوا الدم الحرام ، في البلد الحرام ، و في الشهر الحرام ، و حولوا قبلة واسط الى الشام . معاوية و تعقيباته ناصب معاوية و حزبه علياً و صحبه و كان ما كان من أيام البصرة و صفين و النهروان و علي ( عليه السلام ) في كلّها غير مخذول ، و لا يزداد معاوية إلا حقداً عليه و موجدة ، و تعقب الضغائن إثر الضغائن ، و كان معاوية رجل الغدر و حليماً إلاّ على علي ( عليه السلام ) و خاصته . فلما توفي علي ( عليه السلام ) سنة 40 بسيف ابن ملجم الخارجي ساجداً في محرابه ، زال من بين عيني معاوية ذلك الشبح الرهيب الذي كان يخيفه في منامه و في خلواته ، و قويت عزائمه و توجهت شطره أكثر النفوس التي كانت رهن سجايا علي ( عليه السلام ) و علومه و منقادة لصوته و سوطه و صيت شجاعته و سماحته ، لا سيما و أنّ الآثار النبوية المشهورة فيه كانت لا تقاس كثرة و شهرة بما ورد في شأن غيره ، و الخدمات التي قام علي بها كانت قاطعة الألسن فضلاً عن طول عهد الإمارة لمعاوية و انتشار حزبه الفعال و توزيعه الأموال . هذه العوامل و غيرها ضيّقت دائرة النفوذ على الحسن بن علي ( عليه السلام ) و خليفته و وسعت المجال لمعاوية و حزبه ، فانتقم من علي بعد وفاته و سبَّ علياً على المنابر ، و المنائر ، و الألسن ، و الكتب . و يا بؤسها من حيلة و وسيلة لاستئصال مجد بني هاشم بثلب كبيرهم و قد قال ابن عباس : « إنّهم يريدون بسب علي سبّ رسول الله » ثم لم يقنع بذلك فأخذ يتتبع خاصة علي ( عليه السلام ) بالسم و العسل و يقول : « إن لله جنوداً من عسل » يعني السم المرسول إلى أعدائه ، ولم يسع حلمه أصحاب علي و بنيه قط فدس سماً ذريعاً إلى زوجة الحسن السبط فقتلته اغتراراً بموعد زواجها من يزيد . تأثرات الحسين الروحية هنا حري بنا أن ندرس حالة الحسين ( عليه السلام ) ذلك المتفاني في حب شقيقه الحسن ماذا يجري على قلبه و هو يرى أحشاء أخيه مقذوفة في الطست من سم معاوية ، ثم تمنع بدسيسة مروانيه جنازة أخيه من زيارة جدّه ـ و هما ريحانتاه ـ و يسمع سبّ أبيه و أخيه في المعابر و على المنابر و تنعى إليه صحابة أبيه من فتك معاوية بهم ، و سحق العهود الشريفة ،و محق شعائر الإسلام ، و تبديل سنن جدّه بالبدع ، و تحويل الإسلام من روح دينيه عالمية إلى روح قومية ملكية ، و تمهيد أُسس للرجعة إلى الجاهلية . هذا كلّه عدا ما سبق من أمر معاوية وعلي ( عليه السلام ) في حروب و فتن أوجدها معاوية لأغراض ذاتية ، و فتّ في عضد الدين ، و شتت بها شمل المسلمين . أضف عليها ما جرى على جدّه المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) من الحزب السفياني أثناء البعثة و بعد الهجرة . أفلا يكون بعد ذلك كله قلب الحسين دفتراً ملؤه المؤلمات ؟! و لابد و أن تكون هذه الموجدات في الحسين ( عليه السلام ) و في صدره بركاناً قوياً مشرفاً على الانفجار ، و حسين الشهامة لم يكن بالذي يقيم على الضيم لو لا أنّ الوصيّة تتلو الوصيّة من أخيه و جدّه و أبيه و خاصة مواليه بالصبر ، « و الصبر أمرّ من الصبر » . كيف يبايع الحسين غريب والله أنّ يزيد المشهور بالسفاسف و الفجور يريد التقمص بخلافة النبي محمّد ( صلى الله عليه و آله ) المبعوث لتكميل مكارم الأخلاق ، و ذلك في حياة الحسين ( عليه السلام ) ابن ذاك النبي و حبيبه . فيزيد يعلم نفسية الحسين و يعلم أنّ صدر الحسين ( عليه السلام ) أصبح بركاناً قريب الانفجار ، و مع ذلك لا يقنع بسكونه و سكوته عما هو فيه ، بل يريد منه فوق ذلك كلّه أن يعترف له بالخلافة عن الرسول ، و هل ذاك إلاّ رابع المستحيلات ؟ فإنّ اعتراف الحسين ( عليه السلام ) بخلافة يزيد عبارة أخرى عن أنّ الحسين ليس بالحسين « أي إنّ معنى قبوله البيعة ليزيد بيع دين جدّه ، و كل مجده ، و كل شعور شريف للعرب ، و كل حق للمسلمين ، و كل آمال لقومه يبيعها جمعاء برضى يزيد عليه » و هذا محال على الحسين ( عليه السلام ) و على كل أبطال الفضائل ، فإنّ قبوله بيعة يزيد عبارة أخرى عن اعترافه بتساوي الفضيلة و الرذيلة ، و استواء العدل و الظلم ، و اتحاد الحق و الباطل ، و تماثل النور و الظلام ، و أنّ العلم و الجهل مستويان ، و أنّ الخفيف و الثقيل سيان في الميزان ، فهل يسوغ بعد هذا كله سكوته و سكونه ؟! و قد يزعم البسطاء أنّ الحسين ( عليه السلام ) لو استعمل التقية و صافح يزيد لاتّقى ببيعته شرّ أمية ، و نجا من مكرها ، و صان حرمته ، و حفظ مهجته ، لكن ذلك و هم بعيد . . . فإن يزيد المتجاهر بالفسوق لا يقاس بمعاوية الداهية المتحفظ ، فبيعة مثل الحسين ( عليه السلام ) لمثل يزيد غير جائزة بظاهر الشريعة ، و لذلك تخلّف عن بيعته سعد بن بن أبي وقاص ، و عبد الرحمن بن أبي بكر ، و عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن الزبير أيضاً فأنكروا على معاوية استخلاف يزيد و امتنعوا عن بيعته حتى فارقوا الحياة ، و كان سيدنا الحسين ( عليه السلام ) أولى بهذا الامتناع و الإنكار . و أمّا مع غضّ النظر عن التكليف الشرعي و مطالبة وجه غير التمسك بظواهر الكتاب و السنة فنقول : إنّ التحري في الوثائق التاريخية و الكتب المعتبرة يؤدي إلى الاعتقاد بأنّ سيدنا الحسين ( عليه السلام ) كان يعلم بانطواء خصومه على نية التشفّي من قتله ، و قد صرح في مواطن عدّة بأنّ بني أمية غير تاركيه حتى لو كان في جحر ضب لاستخرجوه و قتلوه ، و قال ( عليه السلام ) للعكرمي في بطن عقبة : « ليس يخفى عليّ الرأي و لكنهم لا يدعونني حتى يخرجوا هذه العلقة من جوفي » و أكد ابن زياد نية التشفّي من قتل الحسين ( عليه السلام ) في كتابه لابن سعد قائلاً : « حل بين الحسين و أصحابه و بين الماء فلا يذوقوا منه قطرة ، كما صنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان » . و أعلم يزيد نفسه بما يضمره من الانتقام من آل محمّد كما قال : لست من خندف إن لم انتقم *** من بني أحمد ما كان فعل الى غير ذلك من الشواهد التي نستنتج منها ما قصده الأمويون من الانتقام من آل الرسول ( صلى الله عليه و آله ) علم ابن النبي ( صلى الله عليه و آله ) من كل هذا تصميم آل حرب على انتقامهم من آل علي مهما تظاهر هؤلاء بمسالمتهم و مطاوعتهم و مهما تظاهر آل حرب لهم بالأمان و الإيمان ، و قد أكد هذا العلم غدر ابن زياد بابن عمّه مسلم و اعطاؤه الأمان حتى إذا خلع سلاحه قتله شرّ قتلة ، و أجلى من ذلك غدر معاوية بأخيه الحسن ( عليه السلام ) و دسه السم إلى من قتله بعد أن صالحه و صافحه و تنازل له عن خلافته المعقودة له ، فهل ترى ابن النبي ( صلى الله عليه و آله ) بعد ذلك كلّه يعيد الامتحان و يجرب المجرب ؟ كلا ! إذن فالحسن وجد نفسه مقتولاً إذا لم يبايع و مقتولاً إذا بايع ، لكنه إن بايع اشترى مع قتله قتل مجده و قتل آثار جدّه أما إذا لم يبايع فإنّما هي قتلة واحدة تحيا بها آماله ، و شعائر الدين ، و الشرف المؤبد . البيعة ليزيد صفا لمعاوية الجو و ملك نحو أربعين سنة ملكاً قلّما يسمح الزمان بمثله ، و هوفي خلال ذلك لا يفتر عن عمله ليله و نهاره فيستكثر أعوانه ، و يعزّز إخوانه و يستحوذ على من يشاء بما أُوتي من مال و دهاء ، و استمال إلى أهوائه أمثال زياد و ابن العاص و المغيرة من الدهاة فمد أطناب حزبه و رواق مأربه ، و انقادت إليه حتى آل هاشم . و لكن الرجل استحب دوام هذا السؤدد لبيته و من يخلفه في إنفاذ نواياه ، إذ عرف أنّ سلطانه وقتي و قسري ـ و ما كان بالقسر لا يدوم ـ فأراد إثباته في بيته مادام حياً ; لأنّه يخشى من موته انقلاب الأمور على بنيه ، لا سيما و ابنه يزيد موضع نقمة الجمهور و في الناس مَن هو أقدم منه و أولى ، فأخذ البيعة ليزيد حال حياته ـ بعد أن ذلل الصعاب و مهّد السبل لغاياته ـ غير أنّ الأُباة أبوا عليه البيعة ليزيد ، و اتخذت عملية معاوية هذه كمناورة يمتحن بها مخالفيه ، ثم أوصى ولده يزيد بأن لا يمس هؤلاء بسوء إذا أبوا عليه البيعة بعد موته إلاّ ابن الزبير ، و السر فيما ارتآه داهية قريش هو أنّ البعض من هؤلاء ضعيف النفس مسبوق بغضاضة . و أما الحسين السبط فنفس أبيه بين جنبيه و يخشى على البيت الأموي من التعرّض له ، و بما انّه رجل الفضيلة يؤمل فيه أن يستمر على سكوته و سكونه إذا علم برغائبه و مداراته ، و يخشى من قيامه أن يقوم الحجاز و العراقان معه حين لا معاوية لديه ولا ابن العاص . أمّا ابن الزبير فذو نفسية حربية مع أعدائه و ذو دهاء مع رقبائه و لكنه كأبيه شحيح لا مطمع فيه ، فالعدو لا يأمن منه و الصديق لا يأمل فيه ، فاستهان القضاء عليه من دون توقع محذور في معاداته . و لكن يزيد لم يعمل بهذه الوصيّة إذ أنّه عاش عيشة ترف قضاها في الصيد و السكر و اللهو ، و مثل هذه التربية تسوق صاحبها لعبادة الهوى و الاغترار بسلطان الشهوات ، فلا يحترم قديماً ، و لا يحتشم عظيماً ، و لا يحتفل بالدين ، و لا برغائب الجمهور . و عليه فما مات معاوية إلاّ و الأوامر تترى من يزيد على ابن عمه الوليد ـ والي المدينة ـ بأخذ البيعة له من الناس عامة و من الحسين و ابن الزبير خاصة فتلقى الوليد بن يزيد بن أبي سفيان أوامره بكل رهبة و احتياط ، و كان يعرف سوء سمعة يزيد كما يعرف حسن شهرة هؤلاء عند المسلمين عامة و عند أهل الحجاز خاصة ، فأدت سياسته إلى إعلام هؤلاء بالأمر بصورة و دية مع المداراة لرغائبهم و حركاتهم قبلما يأخذ البيعة العامة في مسجد النبي ليزيد كخليفة ، فأرسل إلى الحسين و الى ابن الزبير ليحضرا لديه فجاءه الحسين ( عليه السلام ) و معه ثلة من أقربائه ، ولم يدخلوا معه فاستقبله الوليد بالترحاب و مروان 7 جالس متغيّر و تكاد تقرأ ما في قلبه من سحنات وجهه . و ابتدأ الوليد ينعى معاوية فاسترجع الحسين ( عليه السلام ) ثم قال الوليد : « إنّ يزيد استحب اقتراح البيعة فماذا ترى ؟ » فأجابه الحسين : « إنّ البيعة تحسن من مثلي لمثل يزيد أن تكون علانية و بملأ من الناس ، فالأولى أن تؤجلها إلى موعد اجتماع الناس في المسجد » فأجابه الوليد بكل لين و تساهل ، غير أنّ مروان عكر صفو السلم ، و قال : « يا أمير لا تدع حسيناً يخرج من عندك بلا بيعة فيكون أولى منك بالقوة و تكون أولى منه بالضعف ، فاحبسه حتى يبايع أو تضرب عنقه » فوثب عندئذ حسين المجد قائلاً : « يا ابن الزرقاء ! أنت تقتلني أم هو ؟ كذبت والله و لئمت » ثم انصرف هو و بنو هاشم . كان الوليد و مروان كلاهما يبغيان إخضاع الحسين ( عليه السلام ) ليزيد و لكن ذاك بالسياسة و هذا بالتهديد ، و كأنّ الوليد أراد أن يستميل قلب الحسين و يسترق من لسانه كلمة القبول ـ و لو سرا ـ لعلمه أنّ الحسين رجل الصدق و الثبات ، فلا يعدل عن كلمته و ليس بذي لسانين ، إسرار و جهار ، و لا ذا وجهين محضر و مغيب . أمّا مروان فكأنّه علم أنّ المسلمين إذا اجتمعوا في مسجد النبي بين قبره و منبره ، و حضر لديهم ريحانة النبي و بنو هاشم وقوف و بنو الأنصار جلوس ، فإن المؤثرات المعنوية و الحسية لا تسفر إلاّ عن البيعة للحسين و خسران صفقة يزيد . و بالجملة فإنّ مروان نقض على الوليد أمراً كان قد أبرمه ، غير أنّ الخبر لم ينشر خارج المدينة لمراقبة الوالي و فقد وسائل المخابرات . أما الحسين ( عليه السلام ) فقد عرف أنّ مروان سوف يخابر يزيد على عزل الوالي أو يحمل الوالي على الوقيعة بالحسين و آله ، و أنّ يزيد و حزبه ينقادون لإرادات مروان بشخصيته البارزة في الحزب السفياني ، و قديم عدائه للنبي و آله . و قد كان هو و أبوه طريدي رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و معلونين على لسانه 8 فلا بد وأن ينتقم من ريحانة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالمثل أو يزيد ، فلم يجد الحسين ( عليه السلام ) بدّاً سوى الهجرة الى حرم الله . 1. قال الحسن البصري : « أربع خصال في معاوية لو لم تكن إلاّ واحدة منها لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة و فيهم بقايا الصحابة و ذوو الفضيلة ، و استخلافه من بعده سكيراً يلبس الحرير و يضرب بالطنابر ، و ادعاؤه زياداً و قد قال رسول الله : « الولد للفراش و للعاهر الحجر » و قتله حجراً و أصحاب حجر و يا ويلاً له من حجر و أصحاب حجر » ـ الكامل لابن الأثير . 2. النصائح الكافية :97 ، و أم خالد كنت كنية اُرينب . 3. هاشم و عبد شمس أخوان أبوهما عبد مناف بن قصي . قيل ولدا توأمين متلاصقين بقطعة لحم في ظهريهما فألجأت الحالة إلى فصلهما بالسيف ، فتطير المتشئمون من ذلك و استدلوا منه على استمرار السيف بين ذراريهما فكان كما قالوه ، و كان الأمويون من بني عبد شمس و الهاشميون من بني عبد المطلب طرفي الخصام في الجاهلية و الإسلام . و كان هاشم اسمه عمرو ـ و يقال له : عمرو العلا ـ و لقب هاشماً لكثرة هشمه الثريد لأضيافه و لزوار البيت الحرام . 4. كان بنو هاشم صفوة قريش حينماكانت قريش صفوة العرب و وجوه أبناء الجزيره و امتاز بنو هاشم من بين القبائل كلها بالسماحة و الفصاحة و طلاقة الوجه و اللسان و إقراء الضيوف و نجدة المظلوم و حسن السمة و شرف النفس و طيب المولد و طالما اعتدت عليهم قريش بسبب تمسكهم بالحقوق و رعايتهم للعهود و محاماتهم عن الحرم . 5. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 192 . 6. القران الكريم : سورة المنافقون ( 63 ) ، الآية : 8 ، الصفحة : 555 . 7. هو مروان بن الحكم بن العاص بن أُمية . ولد في السنة الثانية للهجرة و طرده النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع أبيه الى الطائف لأنّ أباه الحكم أسلم مع أبي سفيان يوم الفتح كرهاً و نفاقاً و كان يستهزىء بالنبي ( صلى الله عليه و آله ) إذا غاب عنه و يهجس الى المشركين بأخباره ، فدعا النبي ( صلى الله عليه و آله ) عليه و طرده فأواهما عثمان في خلافته و اتخذ مروان كاتباً عنده ، فنقم المسلمون ذلك عليه لا سيما بعد تزويره كتاباً عن لسان الخليفة يأمر فيه عامل مصر بقتل محمّد بن أبي بكر و رسل المدينة . و كان مثار الفتن يوم الدار و في الحروب التي أقامها معاوية ضدّ الامام علي ( عليه السلام ) و بايع الإمام نفاقاً كما أسلم أبوه نفاقاً و سرعان ما نكث البيعة و خرج مع طلحة الى حرب البصرة ثم رمى طلحة . و لما أسره الإمام ( عليه السلام ) تشفّع فيه الحسن ( عليه السلام ) فخلا سبيله . و لما تقدم ليجدد بيعته أبعده الإمام قائلاً : « لا حاجة لي في بيعته إنّها كف يهودية ، أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، و هو أبو الأكبش الأربعة ، و ستلقى الأمة منهم يوماً أحمر » . ثم هرب مروان الى معاوية و خرج الى صفين ، و بعد صلح معاوية مع سيدنا الحسن ( عليه السلام ) تولى إمارة المدينة فالحجاز كلّه ، و أخذ فدكاً لنفسه ، ثم أساء معاوية الظن فيه فعزله . و بعد موت معاوية بن يزيد تولى الخلافة ثم خنقته زوجته سنة 65 هـ بالشام . 8. قال الجاحظ في رسالة المفاخر : إنّ مروان بن الحكم كان هو و أبوه ملعونين على لسان النبي ( صلى الله عليه و آله ) و طريديه من المدينة مدة حياته ، ثم في عهد أبي بكر و عمر كلما تشفّع عثمان فيهما و في إيوائهما لم يجد حتى ولي عثمان فآوي مروان إلى المدينة على كره المسلمين ذلك حتى كان هذا الأمر أحد أسباب قيام المسلمين على عثمان و قتله » . http://www.islam4u.com/
العناوين ذات الصلة
إيقاف الناظرين على سب الأمويين لأمير المؤمنين وآله الطاهرين
نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي، التكوّن والصيرورة
معجم مؤرخي الشيعة الجزء الأول
تراث کربلاء
تحفة الکرام في تاريخ مکة و بيت الله الحرام
تاريخ وصاب المسمّى بـ الإعتبار في التواريخ و الآثار
تاريخ وتطور الفقه والاصول في حوزة النجف الأشرف العلمية